سورة النمل - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النمل)


        


{وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (11)}
فإن قلت: علام عطف قوله: {وَأَلْقِ عَصَاكَ}؟ قلت: على بورك؛ لأن المعنى: نودي أن بورك من في النار، وأن ألق عصاك: كلاهما تفسير لنودي. والمعنى: قيل له بورك من في النار، وقيل له: {أَلْقِ عَصَاكَ}. والدليل على ذلك قوله تعالى: {وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ} [القصص: 31] بعد قوله: {أَن يا موسى إِنّى أَنَا الله} [القصص: 30] على تكرير حرف التفسير، كما تقول: كتبت إليك أن حج وأن اعتمر، وإن شئت أن حج واعتمر.
وقرأ الحسن: (جأن) على لغة من يجدّ في الهرب من التقاء الساكنين، فيقول: شأبَّة ودأبَّة. ومنها قراءة عمرو بن عبيد {ولا الضألين} {وَلَمْ يُعَقّبْ} لم يرجع، يقال: عقب المقاتل، إذا كرّ بعد الفرار. قال:
فَمَا عَقَّبُوا إذْ قِيلَ هَلْ مِنْ مُعَقِّبٍ *** وَلاَ نَزَلُوا يَوْمَ الكَرِيهَةِ مَنْزِلا
وإنما رعب لظنه أن ذلك لأمر أريد به، ويدل عليه {إِنّى لاَ يَخَافُ لَدَىَّ المرسلون} و{إِلا} بمعنى (لكن) لأنه لما أطلق نفي الخوف عن الرسل، كان ذلك مظنة لطروّ الشبهة، فاستدرك ذلك. والمعنى: ولكن من ظلم منهم أي فرطت منه صغيرة مما يجوز على الأنبياء، كالذي فرط من آدم ويونس وداود وسليمان وإخوة يوسف، ومن موسى بوكزة القبطي، ويشك أن يقصد بهذا التعريض بما وجد من موسى، وهو من التعريضات التي يلطف مأخذها. وسماه ظلماً، كما قال موسى: {رَبّ إِنّى ظَلَمْتُ نَفْسِى فاغفر لِى} [القصص: 16] والحسن، والسوء: حسن التوبة، وقبح الذنب. وقرئ: {ألا من ظلم}، بحرف التنبيه.
وعن أبي عمرو في رواية عصمة: حسناً.


{وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آَيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (12)}
و{فِى تِسْعِ ءايات} كلام مستأنف، وحرف الجرّ فيه يتعلق بمحذوف. والمعنى: اذهب في تسع آيات {إلى فِرْعَوْنَ} ونحوه:
فَقُلتُ إلَى الطَّعَامِ فَقَالَ مِنْهُمْ *** فَرِيقٌ نَحْسُدُ الإِنسَ الطَّعَامَا
ويجوز أن يكون المعنى: وألق عصاك، وأدخل يدك: في تسع آيات، أي: في جملة تسع آيات وعدادهنّ. ولقائل أن يقول: كانت الآيات إحدى عشرة: ثنتان منها اليد والعصا، والتسع: الفلق، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والطمسة، والجدب في بواديهم، والنقصان في مزارعهم.


{فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آَيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (13)}
المبصرة: الظاهرة البينة. جعل الإبصار لها وهو في الحقيقة لمتأمّليها، لأنهم لابسوها وكانوا بسبب منها بنظرهم وتفكرهم فيها. ويجوز أن يراد بحقيقة الإبصار: كل ناظر فيها من كافة أولي العقل، وأن يراد إبصار فرعون وملئه. لقوله: {واستيقنتها أَنفُسُهُمْ} [النمل: 14] أو جعلت كأنها تبصر فتهدي، لأنّ العمي لا تقدر على الاهتداء، فضلاً أن تهدي غيرها. ومنه قولهم: كلمة عيناء، وكلمة عوراء، لأن الكلمة الحسنة ترشد، والسيئة تغوي. ونحوه قوله تعالى: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السماوات والأرض بَصَائِرَ} [الإسراء: 102] فوصفها بالبصارة، كما وصفها بالإبصار.
وقرأ عليّ بن الحسين رضي الله عنهما وقتادة: {مَبصرة}، وهي نحو: مجبنة ومبخلة ومجفرة، أي: مكاناً يكثر فيه التبصر.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8